بــسم الله الرحمــن الرحيـم
http://www.lakii.net/images/Nov06/tape_226.mp3الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك،
قال تعالى
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَما الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ}
قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ}
مثل نفسك يا مغرور و قد حلت بك السكرات و نزل بك الأنين و الغمرات فمن قائل يقول أن فلانا قد أوصى
و ماله قد أحصى و من قائل يقول أن فلانا ثقل لسانه فلا يعرف جيرانه و لا يكلم اخوانه فكأني أنظر إليك
و أنت تسمع الخطاب و لا تقدر على رد الجواب ثم تبكي ابنتك و هي كالأسيرة و تتضرع و تقول:
وأقبلت الصغرى تمرغ خدها
على وجنتي حينا و حينا على صدري
و تخمش خديها و تبكي بحرقة
تنادي أبي إني غلــبت على الصبـــر
حبيبي أبي من لليتامى تركتهم
كأفراخ زغب في بعــد عــن الوكـــر
تخيل نفسك يا ابن آدم إذا أُخذت من فراشك إلى لوح مغتسلك ، فغسلك الغاسل و ألبست الأكفان و
أوحش منك الأهل و الجيران و بكت عليك الأصحاب و الأخوان و قال الغاسل أين زوجة فلان تحاللـه وأين
اليتامى ترككم أبوكم فما ترونه بعد هذا اليوم أبدا و أنشدوا:
ألا أيها المغــرور مالك تلـعب
تأمل آمالا و موتك أقرب
و تعلم أن الحـــرص بحر مبعد
سفينة الدنيا فإياك تعطـب
و تعلم أن المــوت ينقض مسرعا
عليك يقينا طعمه ليس يعذب
كأنك توصـي و اليتامى تراهـمُ
و أمهم الثكلى تنوح و تندب
تغص بحـــزن ثم تلطـم وجهها
يراها رجال بعـد ماهي تحجب
و أقبـل بالأكفان نحـوك قاصـد
و يُحثى عليك التراب والعين تسكب
من الموت طالبه و القبر بيته و التراب فراشه و الدود أنيسه و هو بهذا ينتظر الفزع الأكبر " (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
من أكثر من ذكر الموت تجددت التوبة عنده و حصلت القناعة في قلبه و نشطت العبادة لديه و من نسي
الموت و لم يذكره ضيع التوبة و ترك القناعة و تكاسل عن العبادة .
تفكر يا مغرور في الموت و سكرته و صعوبة كاسه و مرارته فيا للموت من وعد ما أصدقه و من حاكم ما
أعدله . كفى بالموت مقرحا للقلوب و مبكيا للعيون و مفرقا للجماعات و هادما للذات و قاطعا للأمنيات .
فهل تفكرت يابن آدم في يوم مصرعك و انتقالك من موضعك ، إذا نقلت من سعة إلى ضيق ، و خانك
الصاحب و الرفيق و هجرك الأخ و الصديق و أخذت من فراشك و غطاءك إلى عرر و غطوك من بعد لين
لحاف بتراب و مدر. فيا جامع المال و المجتهد في البنيان ليس لك و الله من مالك إلا الأكفان بل هي و
الله للخراب و الذهاب و جسمك للتراب و المآب. فأين الذي جمعته من المال ، هل أنقذك من الأهوال ؟
كلا بل تركته لمن لا يحمدك و قدمت بأوزارك على من لا يعذرك . فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما
ينفعه في الآخرة لا في الطين و الماء و التجبر و البغي.
أيها الأحباب احذروا الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات و حليت بالآمال و زينت بالغرور ، غرارة غرور
ما فيها ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ، فانية فانٍ من عليها (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو
الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) ، لا خير في كثير من زادها إلا تقوى الله حيها معرض للموت صحيحها معرض للسقم و
وراء ذلك سكرات الموت و هول المطلع و الوقوف بين يدي الحكم العدل " (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا
وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) فبئست الدار لمن اطمأن عليها و هو يعلم أنه تاركها و قد وصفها الله
بقوله سبحانه " (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)
زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة زوروا المرضى بالمستشفيات فإن زيارتكم لهم تذكركم بالموت ، زوروا
كبار السن في منازلهم و تذكروا غداً أن شدتكم إلى ضعف مثلهم ، تمعنوا رحمكم الله في أصحاب القبور
عند زيارتكم لهم فإنهم استبدلوا بظهر الأرض بطنا و بالسعة ضيقا و بالأهل غربة و بالنور ظلمة ،
ففارقوها كما جاءوها حفاة عراة فرادى مرهونين بأعمالهم إلى الحياة الدائمة إلى الخلود الدائم إلى دار
اللذة و النعيم أو دار الحسرة و الجحيم . يقول تعالى: " (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا
أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)
و قال تعالى:" (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)
احذروا ما حذركم الله و رسوله و انتفعوا بمواعظه ، فكفى بالقرآن واعظا و كفى بهدي المصطفى صلى
الله عليه و سلم واعظا و كفى بالإيمان واعظا و كفى بالموت واعظا و كفى بالقبر واعظا و كفى بالنار
واعظا فمن لم يتعض فلا حول و لا قوة إلا بالله .
استعدوا للموت و سكرته و للقبر و ظلمته و للسؤال و شدته (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) و يقول سبحانه:" (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، جعلنا الله منهم
http://www.almawt.com/newflash.htmفاللهم ارحم في الدنيا غربتنا وارحم في القبور وحشتنا وارحم موقفنا غدا بين يديك، واجعلنا من عبادك
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.